يتردد كثيرا على السن بعض مفسري الأحلام من المدرسة الإسلامية ، بأن تفسير الرؤى هو من فتوى وأحكام الشرع ، ومن هذا المنطلق وعلى حد تعبيرهم ، فأنه لايحق لأحد أن يفسر ويعبر الأحلام ، إلا إن كان من أهل الفتوى من المشايخ أو الدعاة أو الوعاظ .!!
واستدلوا على ذلك بآية ((وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ)) يوسف 43 ، وقد ادعوا هنا إن كلمة (أَفْتُونِي ) حيث بمثابة الحكم في الشرع وبالتالي فان تفسير الرؤى هو من الفتوى .
ولكن لو تأملنا في الآية نجد :
1) إن الذي أمرالمفسرين تعبير رؤياه هو ملك مصر وقد كان على دين مخالف للتوحيد والشرائع السماوية ، والمفسرون هم أيضا كانوا من أهل ملته ، فأين الفتوى أو الحكم الشرعي هنا !
2) إن كلمة ( فتوى) إذا اقترنت في الرؤى وأحلام النوم ، فمعناها هو تفسير وتعبير الرؤيا ، وكما جاء في معاجم اللغة العربية وتفاسير القرآن الكريم.
3) إن كلمة ( فتوى) قد ذكرت في القرآن الكريم أكثر من موضع ، منها :
أ) قوله تعالى وعلى لسان ملكة سبأ : ((قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ )) النمل 32، وقد كانت تسجد للشمس وتعبد الأوثان هي وقومها ، فهل (أفتوني) هنا معناها الحكم الشرعي أم معناها ( أشوري علي).
ب) قوله تعالى: ((فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لّازِبٍ )) الصافات 11، والضمير في فاستفتهم يعود إلى النبي (ص) لمخاطبة الكفار ، ولاندري فهل معناها فأطلب منهم الحكم الشرعي ؟ أم معناها فأسألهم ؟.
4) إن الرؤى والأحلام وإن صدق بعضها ،فهي ليست بأدلة للشرع أو من مصادره كالقرآن الكريم والحديث ، لأن أكثرها من حديث النفس والأضغاث ووسوسة الشيطان ، ولاينبغي أن نقيس تفسير الأحلام على استباط الأحكام الشرعية .
5) برز كثير من العلماء كفرويد ويونع وأدلر وغيرهم ،في تعبير وتفسير وتحليل الأحلام ،أو وضع بعض النظريات التي تتعلق بالأحلام ،ولم يكونوا من رجال الدين .
6) ونقول للذين يزعمون بأن تفسير الأحلام من الفتوى : يبدو إن نظريتكم مهمة في هذا الزمن ، بعد أن أصبح تفسيرالاحلام أشبه مايكون بالكهانة والتنجيم والودع ، وبالتالي تجارة يبيع من خلالها مدعي الغيبيات الأوهام إلى الناس باسم رؤى الغيب .
مصادر البحث :
1) القرآن الكريم
2) امهات التفاسير الاسلامية
3) لسان العرب